إبراء قبل الإسلام
قليلة هي تلك الولايات العمانية والتي لها تاريخ قديم ضارب عمق التاريخ ،وولاية إبراء من هذه الولايات،حيث أن لها تاريخ ذو سلسلة طويلة متصلة بحقب التاريخ العماني القديم.
والذي يدلنا على ذلك تلك القصة التي حدثت قبل الإسلام إبان الحكم الفارسي لعمان،والذي كان بسببها تم تسمية ةلاية إبراء بـهذا الإسم،وتقول القصة كما هو موجود في إحدى الحوليات القديمة والتي توجد في مكتبة بغداد الكبرى (1) :
( أن عمان قديما كانت واقعة تحت الحكم الفارسي،وكان القائد العسكري عليها يسمى هبرأ وبينما كان هو يتجول في عدد من الأماكن حتى وصل إلى الولاية،وأثناء تجوالة في هذه الولاية وجد هذا القائد صانعا يصنع الخناجر العمانية،فاعجب هذا القائد بـهذه الخناجر إعجاباً شديداً،وطلب من الصانع أن يصنع له واحد تكون رائعة وجميلة.
وبالفعل صنع ذلك الصانع خنجراً جميلاً يليق بـهذا القائد، وجاء "هبرأ"ليستلم خنجره ،فأعطاه الصانع خنجره،فاعجب به القائد ثم أن الصانع طلب من القائد الفارسي "هبرأ" أن يعطيه قيمة الخنجر،فما كان من ذلك القائد الفارسي،والذي كان متكبراً ومتعاليا في الأرض علواً كبيراً إلا أن يقول:سأعطيك اسمي قيمة للخنجر كي تسمي به هذا المكان الذي تسكن أنت فية.وبذلك أصبحت تسمى "هبرا" وبمرور الزمن تحولت إلى "إبراء"ومازالت هي كذلك إلى يومنا هذا).
وحقيقة الأمر أن الآراء قد تضاربت في صحة هذه القصة،فمنهم من ذهب إلى صحتها ومنهم من تردد في ذلك إلا أن تثبت المراجع ذلك.
ويرى الباحث في ذلك وكمصداقية للبحث إنه لا يوجد في كتاب الأنساب للعواتبي الصحاري قصة شبيهة بـهذه القصة،ربما حدى بالبعض أن يجمع بينهما وتقول القصة الأخرى: ( أن جماعة من الأزارقة بقيادة قطري بن الفجاءة كانت تحارب المهلب ابن ابي صفرة وأصحابة وكان في الأزارقة رجل يصنع نصالاً مسمومة،وكانت هذه النصال إذا أصابت أحد أصحاب المهلب لا يلبث إلا ويموت من يومه،وكان هذا الرجل الذي يصنع تلك النصال يسمى (إبرى) فاشتكى أصحاب المهلب من هذا الرجل،فقال المهلب أنا أكفيكموه إن شاء الله،فقام المهلب ووجه رجل من أصحابه بكتاب وألف درهم إلى معسكر الأزارقة،وقال له إلق هذا الكتاب والكيس إليهم واحذر على نفسك ففعل ذلك الرجل ماأمره المهلب به وكان في ذلك الكتاب: (أما بعد،فإن نصالك قد وصلت إلي ،وقد وجهن إليك بألف درهم وزدنا منها نزدك إن شاء الله)
فوقع الكتاب في يد قائد الأزارقة،فدعا بصانع النصال(إبرى) فقال له: ماهذا الكتاب؟ فقال إبرى :لا أدري ،فقال القائد:وهذه الدراهم؟قال إبرى: ما أعلم علمها،فأمر القائد بقطع عنق صانع النصال (إبرى).
وهذا ملخص ماذكره العوتبي،وربما انه يوجد هناك شبه تقارب بين القصة السابقة وهذه القصة،والذي ربما حدى بالبعض أن يخلط بين القصتين ليخرج بتلك القصة،وربما أنه توجد روابط بين تلك القصة وهذه القصة فالقصة الأولى تذكر الحناجر والقصة الثانية تذكر النصال،بينما في القصة الأولى تذكر ان القائد إسمه (هبرا) وفي القصة الثانية ذكر صانع النصال هو (أبرى) وربما هذا الترابط سبب الخلاف في صحة القصة الأولى ... والله أعلم.
ونلاحظ الخلط الواضح في هذه القصص اما القصة الأولى فان هبرا المذكور ماهو إلا شخصية فينيقية كما يذكر عبد الرحيم الصباغ، واما القصة الثانية التي ذكرها العوتبي في الأنساب فإنها حدثت في الأهواز جنوب العراق وليس لها علاقة بعمان فكيف بابرا .. ويروي بعض الباحثين أن إبراء ماهي إلا تسمية عربية قديمة جاء بـها العرب البائده وليس إلى شخصيات هامشية وكل هذا الخلط بسبب تقارب المصطلحات والخواء التاريخي وتعتبر قلة المصادر القديمة من المعوقات لاستقراء الاستيطان العربي في إبراء بعد العرب البادئة والهجرات العربية القديمة.إلا انه بلا شك قد سكنها أقوام عربية قبل الإسلام بدليل وجود قبور وآثار حولها تعود إلى عصر ماقبل الإسلام.
____________________________________
(1) جند عمان -سلطنة عمان - وزارة الدفاع